TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تحليل - متى تحدث الأزمة الاقتصادية القادمة؟

تحليل - متى تحدث الأزمة الاقتصادية القادمة؟

من: محمد سليمان

مباشر: كل ارتفاع يعقبه هبوط، والوصول للقمة يعني ضمنياً أن القادم أسوأ.. تعتبر هذه الحقيقة واحدة من المبادئ الكلاسكية في علم الاقتصاد، والتي تم تشكيلها بشكل أكثر وضوحاً في دورة الأعمال والنشاط الاقتصادي.

ونشر "راي دايلو" الرئيس التنفيذي لصندوق "بريدج ووتر" الذي يعد أكبر صندوق تحوط في العالم تحليلاً عبر صفحته الرسمية على "لينكد إن" يبرز رؤيته للوضع الحالي في الأسواق والاقتصاد الأمريكي.

ويرى "راي" أن النظرية الكلاسكية لدورة "الديون والأعمال" قصيرة الآجل تشير إلى أن السؤال المفترض  حالياً هو متى تحدث الأزمة الاقتصادية المقبلة في الولايات المتحدة وحجمها المتوقع وليس ما إذا كانت ستحدث، باعتبار أن وقوعها أمراً يبدو بديهياً من الناحية الاقتصادية.

النظرية الكلاسكية

في المرحلة المتأخرة من دورة "الديون - الأعمال" قصيرة الآجل، نجد الطلب الكلي في الاقتصاد يرتفع بوتيرة أسرع من معدل نمو الطاقة الإنتاجية الكافية للإنتاج.

كما تكون الطاقة الإنتاجية قرب أقصى حد لها بالفعل، وهو ما يرفع أسعار العوامل المقيدة مثل العمالة والسلع الرأسمالية.

وفي نفس الوقت، ترتفع أرباح هؤلاء الذين يملكون عوامل الإنتاج اللازمة مع حقيقة أنها تشهد عجزاً في المعروض منها.

ومع ارتفاع الطلب على الطاقة الإنتاجية المقيدة، وصعود الأسعار والأرباح، فإن البنوك المركزية تتجه لرفع الفائدة وتشديد السياسة النقدية.

وبفعل صعود أسعار الفائدة تتراجع أسعار الأسهم والأصول الأخرى، مع حقيق أنها مسعرة عبر القية الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية.

ولذلك فإنه ليس من الغريب أن تشهد أداء اقتصادي قوي يتزامن مع تراجع أسعار الأسهم والأصول بصفة عامة، وهو ما يبدو في بعض الأحيان "أمراً غريباً" بالنسبة لهؤلاء الذين لايدركون كيفة عمل الاقتصاد.

وفي حال استمرار هبوط أسعار الأسهم والأصول الأخرى مع قوة الاقتصاد (وهو الأمر البديهي) وتشديد الائتمان فإن هذا يؤدي إلى تراجع الطلب حتى يصل إلى مستوى أقل من الطاقة الإنتاجية.

حينها تتراجع معدلات الفائدة وتتجه البنوك المركزية إلى تخفيف السياسة النقدية مع تفوق مخاوفها بشأن ضعف الاقتصاد على القلق حيال التضخم، وهو مايعيد الصعود مجدداً إلى أسعار الأصول.

وتعتبر هذه هي طبيعة دورة الأعمال والأسواق قصيرة الآجل، وهو ما يثبت صحة النظرية القائلة بأن أفضل وقت لشراء الأسهم يكون وقت الضعف الشديد للاقتصاد، حينما تتواجد طاقة إنتاجية فائضة في الاقتصاد وتكون معدلات الفائدة منخفضة.

أين نحن الآن؟

نحن نعرف أننا في المرحلة الأخيرة من الدورة قصيرة الآجل للديون والأعمال، حيث تتواجد الظروف المذكورة بالأعلى، لكننا لانعلم بشكل تفصيلي موقعنا الحالي.

لا نرى حالياً أين نبعد الآن من قمة سواق الأسهم وبالتالي الاقتصاد، لكنه من الواضح أننا تجاوزنا قمة سوق السندات.

تشير الكلاسكيات الاقتصادية إلى أنه في حال تجاوز النمو في الأرباح (وهو أمر جيد للأسهم) وتيرة رفع معدلات الفائدة (الأمر السئ لأسعار الأصول) فإن هذا يعتبر إشارة جيدة للسوق.

وفي حال كان هناك الكثير من "الكاش" أو الأموال السائلة المتروكة جانباً (وهو المتواجد بالفعل) فإن هذا يتسبب في طفرة واحدة أخيرة في أسعار الأسهم، وهو الأمر الذي يعتبر سلبياً بالنسبة للسندات ويؤدي إلى تشديد السياسة النقدية ويمثل "القمة التقليدية".

ويعتبر هذا الوضع المحدد الأهم للتوقيت الدقيق لإعلان الوصول لقمة سوق الأسهم، والتي يليها الهبوط.

ربما كان الوضع في الأسبوعين الماضيين يشير إلى وصولنا بالفعل إلى هذه المرحلة، لكن البيانات الأخيرة الخاصة بالنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة وتسارع نمو الأجور أشارت إلى أن الدورة لاتزال لديها المزيد من الوقت.

وتسببت هذه البيانات الاقتصادية في الولايات المتحدة بشكل طبيعي في ردود أفعال تمثلت في هبوط أسعار السندات وارتفاع العائد، ما أثر بشدة على سوق الأسهم.

ولكن يوم الجمعة الماضي أعلنت الولايات المتحدة توصل قادة الكونجرس لاتفاق بشأن الموازنة الأمريكية والتي سوف تؤدي إلى تحفيز مالي، ومبيعات جديدة لسندات الخزانة، وهو ما يعتبر أمراً سلبياً بالنسبة للسندات.

وأعلن البيت الأبيض أيضاً خطة للإنفاق على البنية التحتية مايعني مزيد من العجز وبالتالي طرح إضافي للسندات لتمويل هذا العجز.

وبالتالي هناك المزيد من السعي لضخ المزيد من القوة إلى الطاقة الإنتاجية المقيدة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع معدل الفائدة الآسمية مدفوعاً بالأسواق.

ولاتزال الأسواق تترقب ردود أفعال مجلس الاحتياطي الفيدرالي على هذه الإشارات، ووتيرة الزياد المتوقعة في معدلات الفائدة الحقيقية.

وترتفع مخاطر الوقوع في مرحلة ركود اقتصادي خلال الـ18 إلى 24 شهراً المقبلة، مع حقيقة أن عام 2020 سيشهد أيضاً الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

ويبرز الأمر المقلق هنا في أن القدرة التي تمتلكها البنوك المركزية لإنهاء الركود القادم "محدودة للغاية وبشكل لم يسبق له مثيلا"، مع حقيقة أن معدلات الفائدة - التي كان يمكن خفضها لتحفيز الاقتصاد - عند مستويات متراجعة للغاية بالفعل.

كما أن برامج التيسير الكمي التي تنطوي على شراء أصول وضخ أموال في الأسواق تعتبر أقل فعالية حالياً بعد سنوات من استخدامها من قبل البنوك المركزية الكبرى.

ورغم المخاطر المتزايدة للدخول في مرحلة ركود اقتصادي إلا أنه من غير المتوقع أن يحدث هذا في الآجل القريب.